سقوط الأقنعة
إنهم يسألون.. يطلبون مني الجواب..لماذا أنا حزين؟
أمر غريب !! هل بات الحزن ممارسة للممنوع في هذا العصر؟ والحـزن عاطفة إنسانية صادقة.. وأحيانا يُصّرون على أن أُجيبهم فأقول لهم: إن الإجابة سر ومن حُرمة السر أن لا يُقال.. من حرمة السر أن لا يذاع.. وإذا أردتم الجواب فاسألوا السراب في صحراء بلدكم فهو وحده قادر على أن يجيبكم!!
في أحد شهور السنة يسطع نور الشمس في السماء.. ويمتد خيوطا ذهبية إلى الأرض.. وفي يوم من أيام ذلك الشهر وبينما كنت متجها إلى قريتي رأيت شيئاً له لمعانٌ وبريقٌ وتوهجٌ... خيوط الأشعة تدخل رغما عني إلى عيني... وبحس فطري اتجهت نحو هذا البريق معتقدا أنه بريق ماسة أو جوهرة أو لؤلؤة تاهت عن أهلها لأنهم لا يقدرونها فقررت الرحيل إلى قريتي لكي أجدها ومن الضياع والتيه أحررها.. وكانت المأساة عندما بدأت أقترب أكثر فأكثر.. لقد ذُهلت.. لقد صُعقت وصدمت.. إن ما كنت اعتقده جوهرة أو لؤلؤة لم يكن إلا قطعة من زجاج مُلَون قد سقطت عليها أشعة الشمس فعكست أشعة ولمعانا وبريقا دخل إلى أعماقي قبل عيوني..
أيها القلب الطاهر... أيها القلب الطيب لا يخدعنك اللمعان فليس كل ما يلمع ذهبا...
ولك مني يا نفس دمعة الأسى والحزن فلماذا لم تحاولي إسقاط الأقنعة وكشف كنه وحقيقة الأمور بالرغم من أن الرحلة دامت الشهور تتبعها الشهور...
ستعرفين ولكن بعد أن يطغى عليك الشيب لي قيمة...
ستعرفين ولكن بعد أن تلوح الخصلة البيضاء على الجبين...
أنني قد كنت في دنياك أعجوبة…
بحر أنا قد كنت…إنْ كنتِ ستذكرين…
وكنتِ أنتِ الموجة…
لكن البحر الذي احتضن الموجة بدفء وحنين…
شاء لها أن ترحل غريبة…
لأنها أَبَتْ إلاّ أنْ تتحطم على شُطآن الرمال…
في تيهٍ وضياعٍ وأنين…
للجدران سيكون اعترافك…ستعترفين:
للورود…
للأغصان…
للأطفال…
للشمس....
للقمر....
لليل...
للنهار....
لحبات المطر لصمتها وصوتها.....
ستعترف ولكن بعد فوات الاوان
من كنت ومن كنت انت؟؟؟
من أنا ومن أنت؟؟؟